sjugar

رأي Livehealthy: كثرة تناولي للسكر كانت بمثابة المسار السريع للألم

لم أكن دومًا في احتياج للسكر وكذا لم أكن أشعر بالخجل عند تناوله، وحينما كنت طفلة؛ اعتادت والدتي على أن تترك لي بعضًا من الزبيب أو حلوى المارشملو على طاولة الطعام في المطبخ؛ لذا كان في استطاعتي تناول الوجبات الخفيفة وقتما شئت، و في جميع الأحوال لم أكن أكره تلك الأطعمة و لكنها لم تكن المفضلة لدي.

 

وحينما كبرت بعض الشيء، كانت والدتي تعطيني حلوى الموز الناعمة، التي كانت تأتي لي بها من المتجر حين أذهب إلى مصفف الشعر، وربما كانت تفعل ذلك كي أبقى هادئة. وأتذكر سبب تناولي لتلك الحلوى هو البقاء إلى جانب أمي.

 

وحينما وصلت إلى الصف السادس، زاد وزني وبدأت في التهام السكر بصورة جديّة، ووقعت مبكرًا في غرام المخبوزات، وهي العادة التي أحتفظ بها حتى يومنا هذا، وبعد ذلك تخصصت في صناعة رقائق البسكويت بالشوكولاتة، وبعد أن قمت بإنتاج أول دفعة من تلك الحلوى أصبح لدي حاسة تذوق العجين والبيض النيء وباقي المكونات. وأحيانًا كنت أتظاهر بالمرض وأقوم بالتهام تلك الأطعمة خلسة من وراء والدي ووالدتي، ووصل بي الأمر إلى صناعة العجين وتناوله عندما أعود الي المنزل بعد المدرسة والتأكد من عدم وحوود أحد حولي.

 

كنت أتناول الشوكولاتة متى سنحت لي فرصة الحصول عليها أثناء اللعب في ملعب الهوكي أو بعد انتهاء اليوم الدراسي.

وأذكر ذات مرة حيث كنت في المنزل، وقمت بتناول الآيس كريم المزين لطبق به شوكولاتة، ولكيلا يلحظ أحد وقبل أن يكشف أمري قمت بشراء آيس كريم بديل من مصروفي الخاص. ولكن – للأسف – اكتشفت والدتي أمري، ولكنها لم تتهمني بشكل مباش، بل قالت أن شخص ما تناول الآيس كريم ثم قام باستبداله بآخر، وأن هذا الشخص حاول أن يعيد مظهر الآيس كريم كما كان. وفي الواقع إنني لا أتذكر إذا ما كنت قد اعترفت بتلك الواقعة، لكني أتذكر شعوري بالذنب والخجل.

 

وهذا الشعور ظل ملازمًا لي بعد أن بلغت العشرين من العُمر. فكل المقالات التي نشرت لي في عدة مجلات تؤكد شعوري بالندم والحسرة على تلك الأيام التي تناولت فيها 4 قطع من الشوكولاتة، أو حين كنت ألتهم بشراهة رقائق بسكويت سالتين بالملح مع زبدة الفول السوداني سكيبي.

وقد ظل شعور الرغبة في تناول الحلويات يلازمني حتى بعد عملي بالصحافة، وعند قيام أحد الموظفين بإحضار الكعك أو كيك الأيس كريم إلى مكان العمل. وظل الحال كذلك خلال فترة العشرين والثلاثين ثم الأربعين من عمري، وظللت أشعر بالخجل لكنني لا أستطيع التوقف عن ذلك، ولم أظن أن هذا الأمر قد جاء من قبيل الإكراه، بل كنت أظن أنه جاء نتيجة لضعف إرادتي، وطالما كرهت ذاتي لهذا السبب.

 

واليوم فإن هناك المزيد من الأبحاث التي تشير إلى أن تناول السكر يعُد إدمانًا مثل المخدرات، وآخر الدراسات التي خلصت إلى تلك النتيجة قامت بإجرائها جامعة آرهوس في الدنمارك، ونُشِرت في عدد يناير من مجلة التقارير العلمية، وقد قام الباحثون خلال تلك الدراسة بملاحظة سلوك الخنازير عند تقديم الماء بالسكر إليهم.

 

وقال مايكل وينتردال وهو أحد المشاركين الرئيسيين في إعداد تلك الدراسة:”بعد مرور 12 يوم فقط من البدء في تناول السكر، سنلحظ تغييرات كبرى تصيب مادة الدوبامين ومنظومة المواد الأفيونية، والواقع أن منظومة المواد الأفيونية تلك والتي تعُد جزءًا من كيمياء المخ والمرتبطة بالسعادة والرفاهية، تنشط بمجرد البدء في تناول السكر للمرة الأولى”.

 

لقد أصبحت الأمور مربكة مؤخرًاً، حيث يبدو أن هناك انقسامًا بين خبراء التغذية وأخصائيي التغذية، بحجة أن منع أنفسنا من تناول شيء ما، هو ما يخلق الرغبة في تناوله. لقد قمت بتقييد السعرات الحرارية الخاصة بي ومرات عدة كنت أفقد السيطرة. أنا لا ألومهم على ذلك الارتباك: فهم حريصون على تفكيك ثقافة النظام الغذائي، وهو فعلياً ما يجب القيام به. إنها أيضًا حجة مقنعة جدًا واستراتيجية فعالة في وسائل التواصل الاجتماعي: من لا يريد متابعة شخص يقول “يمكنك حقًا تناول السكر بعد كل شيء”؟

لكنني لم أكتشف حقيقة أن الأمر لا يعُد خطأ منفردًا مني، إلا بعد أن وصل عمري إلى أواسط الثلاثينات، وحينها كنت قد حاولت عمل دايت إتكينز بدون كربوهيدرات، وكان أمرًا صعبًا للغاية، ولم ألحظ أنني قد فقدت وزني حتى أنني لم أكن في احتياج لذلك، ولم أكن أحكم على الأمور من الظاهر، لكن بعد أيام قليلة قضيتها في تناول الخبز والمكرونة وجميع أنواع المخبوزات أو المواد السكرية، بدأت في تغيير معتقداتي للأبد والخاصة بطريقة تناولي للطعام.

 

والواقع أن الأبحاث التي قمت بها مع بداية ظهور الإنترنت، جعلتني أدرك أنني كنت أشعر شعورًا جيدًا لأن مستوى السكر في الدم كان مستقر نسبيًا، وكانت تلك هي بداية النهاية لمسألة الإكثار في تناول السكريات، من حينها بات وزني مستقر بصورة نسبية، بالإضافة الى علاج مشكلات أخرى عاطفية ولكن دعونا منها الآن.

وما زلت أتناول جميع أنواع الأطعمة، لكني أغلب الوقت أفعل ذلك بوعي – وبشكل معتدل خاصة فيما يتعلّق بالسكر فأقوم بتناول أغلب الأنواع الطبيعية مثل شراب القيقب، أو العسل.

 

والواقع أن فريق العمل بمجلة livehealthy.ae يعُد بمثابة مجموعة منفتحة ومتجانسة، ولدينا جميعًا تجربة مع السكر، حين قام زميل لنا بإحضار الكعك إلى مقر العمل العام الماضي، وقد قمت بتناول أول كعكة ثم الثانية، ثم توقفت عن تناول الثالثة لأن شخص ما قام بوضع باقي الكعك داخل الصندوق ومن ثم قام بوضعه في الثلاجة، وقد رأيت أن الأمر سيكون واضحًا للجميع إذا ما قمت بفتح الثلاجة وتناول كعكة ثالثة، وشعرت بذات شعور الندم الذي كان يطاردني من قبل، لكن هذه المرة قمت بتناول الكثير من المياه ومضيت في طريقي، وبعدها  قام نقاشًا بيننا حول هذا الموضوع، وقد أدركنا أننا قد مررنا جميعًا بذات التجربة.

وكل ما أريد أن يدركه كل شخص وقع تحت طائلة إدمانه للسكر –– وبعد أن رأيت كم السلع المخبوزة المصنعة وعلب المياه الغازية التي يتم استهلاكها، كل ما أريد أن يدركه هؤلاء هو أن تناول السكر يعُد من أسوأ القرارات التي قد تتخذها بشأن طعامك.

و لن يصيبك الضعف أو الحماقة إن تخليت عنه واستطعت كبح جماح نهمك للطعام. وهناك الكثير من العوامل النفسية التي تلعب دورًا في هذا الإطار، وتلك العوامل يجب التعامل معها بجديّة، والحقيقة المؤكدة تقول أن السكر يعُد بمثابة مخدر كما أنه بمثابة السم.

وفي النهاية ليس هناك سبب واحد منطقي يفسر لنا ما يحدث عند وصول السكر إلى الدم والمخ. ومن الواضح أن تلك العملية يتأثر بها بعض الناس أكثر من البعض الآخر، وذلك لأن كل شخص يختلف عن الآخر. لكن دولة الإمارات العربية المتحدة وباقي دول العالم تواجه أزمة فيما يخُص أمراض السكري والبدانة، وهذا الأمر يستوي بالنسبة للكثير من الناس، الذين يعانون من تدهور الصحة، لكنهم لا يعلمون بالضرورة الأسباب الحقيقية وراء ذلك.

 

لذا لِم لا تحاول أن تطلع على النتائج المترتبة على تناول السكريات. على كل حال ليس لديك ما تفقده، والحياة ستستمر في ثوبها الجميل إذا ما قررت تقليل الدور الذي يلعبه السكر في حياتك، والحقيقة أنك ستجد نفسك حينها تتمتع بالقناعة والاستقرار وفي قمة التركيز – ناهيك عن الفوائد الصحية التي ستجنيها إذا ما قمت بخفض معدل تناولك للسكر.

 

  • نُشر هذا المقال في الأصل في 25 يناير 2020
Livehealthymag.com is for every body and mind in the UAE. This magazine is all about moderation, making small changes, little additions and the odd subtraction.

Search

اشترك في نشرتنا الإخبارية

كن أول من يعلم بأحدث العروض والحملات الترويجية.