الطيران

من مهنة الطيران إلى مدرب لياقة بدنية

باعتبارها واحدة من مراكز الأعمال والسياحة على مستوى العالم، تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة أعداداً هائلة من المسافرين المترددين ذهاباً وإياباً على البلاد على متن المئات من الرحلات اليومية. فضلاً عن أنها موطن لآلاف الموظفين الذين يعملون في شركات الطيران المحلية مثل طيران الإمارات والاتحاد وفلاي دبي والعربية للطيران.

لطالما اعتُبرت مهنة الطيران واحدة من أكثر المهن الرائعة في العالم، إذ تساعد الأشخاص ان يسافروا إلى مناطق غريبة حول العالم ويستكشفون وجهات جديدة في محطات التوقف. ربما في أحد الأسابيع تذهب لتذوق السوشي في طوكيو، وفي الأسبوع التالي تتأمل جبل تيبل في كيب تاون.

لكن العمل كأحد أفراد طاقم الطائرة يشكل تحديات معينة في نمط الحياة، بداية من الافتقار إلى الروتين حتى ضغط الزملاء المرتبط بالتواصل الاجتماعي في الوطن بالإمارات العربية المتحدة وفي محطات التوقف في الخارج.

عمل الأيرلندي شين سيري كأحد أفراد طاقم طائرة طيران الإمارات لأكثر من ثلاث سنوات قبل أن يصير مدرب رياضي وخاصاً في العام الماضي. فبعد أن انغمس سيري في “نمط الحياة بدبي” عندما انتقل إلى الإمارات العربية المتحدة، تمكن من تغيير نهجه وصار الآن يساعد الآخرين على فعل الشيء ذاته.

يقول سيري: “بعد مرور عام تقريباً من بدء العمل مع طيران الإمارات شعرت بالإرهاق والتعب الشديدين، ولم يكن لدي دافع لفعل أي شيء في الواقع. كل ما كنت أفعله هو الطيران والنوم وحضور حفلات وتكرار الأمور نفسها. لقد انغمست في نمط حياة غير صحي حقاً وكنت على دراية بضرورة تغيره. وجدت مدرباً رائعاً ساعدني في أخذ  الأمور في الاتجاه الصحيح”.

وأردف: “بعد ذلك، لم تكن تراني أبداً أخرج مع الطاقم عندما نكون في محطة توقف. كنت أتناول طعاماً صحياً، أحاول أن أتدرب، وأحضر دائماً جهاز الكمبيوتر المحمول معي بحثاً عن تعلم المزيد في مجال اللياقة البدنية. درست للحصول على مؤهلات في التدريب الشخصي والتغذية التطبيقية أثناء عملي ضمن طاقم الطائرة”.

لم يكن تناول الأكل الصحي والتدريب أثناء الطيران حول العالم بالمهمة السهلة، ويعترف شين أن الانضباط الذاتي مطلوب بشدة حتى تتكلل المهمة بالنجاح.

ويقول: “أتذكر الذهاب في رحلة طيران مباشرة مدتها 17 ساعة من دبي إلى أوكلاند مع طيران الإمارات. كانت الرحلة عبارة عن 17 ساعة على متن الطائرة، بالإضافة إلى  ساعتين لتسجيل إجراءات الوصول وساعتين لمغادرة الطائرة ومن ثم الانتقال للفندق. وعند الوصول إلى الفندق في أوكلاند، أو أينما كانت الوجهة حتى أكون صادقاً، أحتسي فقط فنجان من القهوة السادة واتوجه مباشرةً إلى صالة الألعاب الرياضية لممارسة تمارين القلب لمدة 45 ساعة بينما يستلقي الآخرون على أسرتهم.

“كنت أتناول الطعام بحرص للغاية أيضاً. فقد أعددت وجباتي الخاصة وأخذتها معي في كل مكان. يبدو أن الكثير من الأشخاص يعتقدون أنه لا يمكنك إحضار طعامك الخاص معك على متن الطائرات بيد أنه يمكنك فعلياً إحضار أي شيء تريده، وعادةً ما يتعين عليك استهلاكه على متن الطائرة قبل النزول”.

“كنت أجلب وجباتي معي في الرحلات وأيضاً كنت آخذ طعاماً معلباً معي لتناوله عند الهبوط على الأرض مثل السلمون وسمك التونة وما إلى ذلك. وعند محطات التوقف يمكنك دائماً العثور على أي بقالة في أي مكان في العالم حيث يمكنك شراء بعض البروكلي أو السبانخ أو أياً كان”.

أثار نهج سيري دهشة زملائه في طيران الإمارات واهتمامهم بنفس القدر، مع حرص البعض على استقاء المعلومات، غير أن البعض الآخر تهكم عليه بسبب نمط طعامه ’ الغريب‘.

وأردف: “بالنسبة لي، كان ضغط الزملاء قاسياً. كنت أخرج وجبة طعامي الذي أعده على متن الطائرة فيطرح علي الأشخاص أسئلة مثل ’لم تتبع نظاماً غذائياً؟ ما الذي تفعله؟‘ كانوا يحاولون منحي وجبات خفيفة، مجرد محاولة لتصرف نظرك عما تتناوله. يجب أن تتمتع بالكثير من القوة العقلية لمواجهة ذلك مع التركيز على الهدف طويل المدى بدلاً من الرضا قصير الأمد.

وتابع: “يستخدم الناس دائماً السفر ذريعة لهم لكنني لا أتقبل تلك الحقيقة. يرددون اذهب إلى شيكاغو وتناول بيتزا المقلاة العميقة. مع أنها واحدة من أكثر الأطعمة المكتظة بالسعرات الحرارية هناك. أعتذر منهم ولكن في أميركا، يوجد سوبر ماكت Whole Foods في كل مدينة. كل ما تشتريه من هناك يمكنك وزنه وبذلك تسيطر على سعراتك الحرارية بدقة. أن تزن الطعام ليس بالأمر العجيب، إنه فقط مجرد تصور لدى الناس”.

بعد أن قرر خوض منافسة لعروض اللياقة في المملكة المتحدة، انخفض وزن سيري من 98 كيلو غراماً إلى 72 كيلو غراماً في أربعة أشهر في بداية العام الماضي 2018، مقللاً نسبة الدهون في جسمه إلى 5%. وحصل على ترتيب متقدم في احدى المنافسات وكان هذا هو الإنجاز الذي دفعه إلى ترك مجال الطيران ليصير مدرباً بدوام كامل.

أكمل سيري: “تردد على الكثير من الأشخاص عبر منصات التواصل الاجتماعي يطلبون المساعدة والمشورة. أحب للغاية مساعدة الأشخاص وتحقيق تأثير إيجابي في حياة الناس هو أمر مجزي بشكل لا يصدق”.

وأضاف: “توجهت إلى MefitPro في دبي بسبب خبرتهم في التدريب الشخصي وساعدني ليو، مدير الدعم التعليمي هناك، في أن أصير مدرباً بدوام كامل ومدرباً شخصياً في دبي”.

وتابع: “لقد فعلت ذلك بنفسي ويمكنني أن أشير للناس بصراحة إلى صوري على وسائل التواصل الاجتماعي التي تتجلى فيها ما قمت بتغييره. فهذا الامر يساعد الأشخاص على الوثوق بك، وذلك من الأهمية بمكان. أتعلم أن يقولون عنك ’إنه يدعم كلامه بالفعل والقول‘”.

فيما يتعلق بالعملاء الذين يعملون في طاقم الطائرة على وجه الخصوص، يمكن لسيري الإصغاء إليهم بتعاطف بالغ. مع أنه كل الزملاء لم يستفيدوا من خبرته، لكنه ما يزال مصدر إلهام لعدد من التغيرات التي حدثت.

وقال سيري أيضاً خلال حديثه: “لقد منحت الكثير من وقتي ومعرفتي في مجال الطيران، عندما كنت أعمل في طيران الإمارات، مقابل لا شيء، الا ان ما أدهشني هو أن اغلب الأشخاص لم يأخذوا بالنصيحة. إن دفعت لمدرب خاص فانك تحضر الجلسة لأنك لا تريد أن تضيع مالك، بيد أنني أعتقد أن بعض الأشخاص فقط تمر عليهم نصيحتي مرور الكرام.

وأردف: “لو استثمرت في شيء، فإنك ترغب أن ترى نتائج استثمارك. لكن عند حصولك على شيء مجاناً، ستتخلى عنه دون مقابل أو تتجاهله. استثمر في نفسك، الصحة هي رقم 1 في الحياة. نحن نتمتع بصحة واحدة فقط لذا حافظ عليها”.

وتابع: “كان يرى أفراد الطاقم لياقتي وصوري وكنت أتلقى أكوام من الرسائل التي تطلب المساعدة. لكن الكثير من الأشخاص كانوا يرغبون في الحصول على وصفة سحرية، لذا فسرعان ما تري أنهم ليسوا على استعداد لاستثمار الوقت والجهد فقط من اجل إحداث تغيير”.

واختتم قائلاً: “هل غيّر كثير منهم طرقهم؟ لا. شأنهم شأن أغلب الأشخاص حولك. لكن العمل مع أشخاص يُقدِمون على ذلك هو أمر مرضي للغاية. معي الكثير من أفراد طاقم الطائرة الذين غيروا بالفعل تفكيرهم وخاضوا تحولاتهم الشخصية. أنا فخور حقاً بهؤلاء الأشخاص”.

Livehealthymag.com is for every body and mind in the UAE. This magazine is all about moderation, making small changes, little additions and the odd subtraction.

Search

اشترك في نشرتنا الإخبارية

كن أول من يعلم بأحدث العروض والحملات الترويجية.