cloud-seeding

التوجه إلى استمطار السُحب كحل للأزمة المناخية

هل اجتاز مناخ كوكب الأرض نقطة اللاعودة؟ من المؤكد أن ذلك هو ما حصل بسبب جميع أحداث الطقس الشديدة التي نشهدها من حولنا، حيث سجلت أوروبا أسخن صيف لها على الإطلاق، ولا تزال كاليفورنيا في حالة طوارئ مناخية غير مسبوقة قد تؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي. ونحن لا نعرف عن التحديات التي ستحدث في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية عندما يحل الصيف القادم، إن خطورة هذه الأحداث المتعلقة بالمناخ لها آثار غير مباشرة على المجتمعات البشرية في جميع أنحاء العالم، حيث يجبرنا الطقس القاسي على صياغة حلول دائمة لهذه المشاكل من توليد الكهرباء إلى مياه الشرب الآمنة، لقد حان الوقت للتفكير خارج الصندوق.

وفي المناخ الجاف للخليج العربي، يعد الحصول على مياه الشرب من التحديات المرتبطة بالمناخ والتي لطالما كانت تحدي للاقتصادات سريعة النمو في المنطقة، ومع القرب من مياه البحر، كانت جهود تحلية المياه طريقة مجربة ومختبرة لتأمين إمدادات المياه، والإمارات العربية المتحدة هي موطن لواحد من أكبر طبقات المياه الجوفية في العالم للمياه المحلاة، وتقع تحت صحراء ليوا وتحتوي على ما يقرب من 26 مليار لتر من المياه، ويمكنها توفير حوالي 100 مليون لتر من المياه يوميًا في حالة الطوارئ، وتحلية المياه فعالة لكنها مكلفة ماليا، حيث يتكلف بناء كل معمل أكثر من مليار دولار وتستخدم تلك المعامل كمية هائلة من الطاقة للتشغيل.

وانتشرت شعبية نشر البذور في السحب (تلقيح السحب) في السنوات الأخيرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وفي حين أن فعالية تلقيح السحب لا تزال موضع نقاش ويخشى بعض العلماء من المضاعفات غير المرتقبة، لكن الحكومات من المغرب إلى الإمارات العربية المتحدة تستثمر بكثافة في برامج تلقيح السحب لتأمين الموارد المائية، وبدأت إثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية مؤخرًا عمليات تلقيح السحب على نطاق واسع، وكرائد إقليمي في مجال التكنولوجيا، استثمرت الإمارات العربية المتحدة الملايين في جهود مكثفة لتلقيح السحب.

ويُعد خلق السحب بصورة صناعية من الطرق التي تولد الأمطار في الأراضي الجرداء، وتستخدم تقنية تلقيح السحب مواد كيميائية مثل يوديد الفضة للتلقيح، والذي يبدأ بسرعة في التكوين السريع لبلورات الجليد، والتي تتحول إلى غيوم ثم يهطل المطر، ويتم إطلاق المواد الكيميائية من طائرات مصممة خصيصًا عندما تكون الظروف مواتية لتكوين السحب.

ولاحظ العلماء منذ بداية ظهور هذه التقنية في عام 1946حالات يقلل فيها تلقيح السحب من عدد الغيوم في السماء، ويشعر بعض العلماء بالقلق من أن تلقيح السحب يمكن أن يتسبب في أحداث مناخية قاسية مثل البرد أو الفيضانات عن طريق زيادة هطول الأمطار في المناطق غير المهيأة لمثل تلك الظروف الجوية، وقد نفى آخرون مصداقية هذا الادعاء بحجة أنه يمكن إيقاف تلقيح السحب إذا كان هناك خطر سريان السيول، وقد أوقفت إسرائيل، وهي أحد الرواد الأوائل في مجال تنقيح السحب، برنامجها في عام 2021، حيث استخدمت تلك التقنية لما يقرب من 50 عامًا ولكنها لم تشهد سوى مكاسب هامشية فيما يخص هطول الأمطار، وفي عام 2019 وجهت أصابع الاتهام  لتقنية تنقيح السحب في التسبب في هطول أمطار غزيرة في الإمارات العربية المتحدة حتى أن بعض الأحياء السكنية في دبي غُمرت بالمياه.

وفي حين أن تلقيح السحب قد لا يكون بنفس فعالية تقنية تحلية المياه، إلا أنه أرخص بكثير من تكنلوجيا التحلية، وهذا أمر جذاب للبلدان ذات الدخل المنخفض التي تعاني من نقص المياه المرتبط بالمناخ، واقتربت ثاني أكبر مدينة في جنوب إفريقيا ومركزها السياحي في عام 2018 من نفاد المياه بصورة خطيرة نتيجة الجفاف الذي طالت مدته، وسارع مسؤولو المدينة إلى وضع خطط طوارئ لتحلية المياه، لكن التكلفة الباهظة أصبحت حاجزًا لا يمكن التغلب عليه، وكانت المدينة قادرة على تشغيل محطات تحلية المياه الطارئة ولكن تم إيقاف ذلك بسبب عجز الميزانية، وتحتاج خطة كيب تاون الحالية لتحسين توفر المياه إلى استثمار وقدره 335 مليون دولار، لكن لا يعرف أحد من أين ستأتي تلك الأموال.

وتتشكل ديناميكية حساسة بين البلدان الغنية والفقيرة التي تعاني من انعدام الأمن المائي، حيث تستطيع البلدان الغنية تحمل تكلفة برامج تحلية المياه وإضافة برامج تلقيح السحب لتعزيز الإمدادات المائية بينما تحتاج البلدان الفقيرة إلى الاعتماد على أرخص الخيارات مثل تقنية تلقيح السحب (التي لا تتطلب مياه البحر)، ويؤدي الارتفاع الحاد في تلقيح السحب في الشرق الأوسط إلى توترات جيوسياسية حيث تفرط إيران في استخدام برامج تلقيح السحب مقارنة بجيرانها.

وبغض النظر عن التحديات، فهناك حسابات اقتصادية يمكن أن تحدد الكثير من العناصر بالإضافة إلى مستقبل تغير المناخ، حيث تمتلك الصين أكبر برامج تنقيح للسحب طموحًا في العالم والذي يهدف إلى تغطية نصف مساحة البلاد، وبالنظر إلى حجم ذلك الهدف، قد يكون الصينيون قادرون على صقل التكنولوجيا وجعلها أكثر كفاءة، وإذا حدث ذلك، فسيتم تصدير تقنية تلقيح السحب الصينية بسرعة إلى جميع الأسواق الناشئة من خلال برامج البنية التحتية الصينية مثل مبادرة الحزام والطريق، وتتمتع بكين بسجل طويل في استخدام البنية التحتية لخلق قوة جيوسياسية، وقد تستخدم تكنولوجيا المياه قريبًا لتحقيق ذلك الهدف.

وبالنظر إلى حجم أزمة المناخ التي نواجها، فإن الجهود المبذولة لتحسين التقنيات الجديدة مثل تنقيح السحب ستساعد بالتأكيد المجتمعات على مواجهة تحديات كبيرة، في حين أنه من المهم أن تكون على دراية أن هذه التكنولوجيا (وأي تقنية أخرى) قد تستخدم كسلاح لتحقيق أهداف ومآرب سياسية، يمكننا السماح للسياسة بالتدخل في إيجاد حلول لأزمة المناخ، إنها قضية حياة أو موت.

 

جوزيف دانا هو رئيس التحرير السابق لـ أكسبونانشال فيو، وهي نشرة إخبارية أسبوعية عن التكنولوجيا وتأثيرها على المجتمع، وعمل  أيضًا كرئيس تحرير “إميرج 85” ، وهو مركز يستكشف التغيير في الأسواق الناشئة وتأثيره العالمي.

تويتر:@ibnezra.

Livehealthymag.com is for every body and mind in the UAE. This magazine is all about moderation, making small changes, little additions and the odd subtraction.

Search

اشترك في نشرتنا الإخبارية

كن أول من يعلم بأحدث العروض والحملات الترويجية.