Coronavirus

هل تشعر بالفزع بسبب فيروس كورونا؟، عليك بدلًا من ذلك أن تهدأ وتستمر في العمل

بينما أدّت الهستيريا والرعب والفزع بسبب فيروس كورونا (كوفيد-19) إلى تحويل الكثير من المدن على مستوى العالم إلى مدن أشباح، من الواضح أن الكثير من الأشخاص أيضًا يفتقرون إلى المنطق والتفكير السليم.

وعلى الرغم من الحاجة إلى الحذر من أجل حماية كبار السن والأشخاص المعرضون للإصابة بالمرض، فإن خبراء عِلم النفس يحذرون باقي الأشخاص أن يتمتعوا برجاحة العقل والهدوء – ليس فقط ليكونوا قدوة للأطفال وباقي أفراد المجتمع؛ لكن من أجل الحفاظ على صحتنا النفسية.

وتقول د. ثريا كنفاني الطبيب النفسي ومدير معهد وعيادات العلاقات الإنسانية في دبي: “تلك الهستيريا الجماعية التي أصابت الناس أتت بسبب قلة المعلومات المتوفرة لديهم، هناك الكثير من المعلومات التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تثير المزيد من الفزع والقلق بلا داعي، وبلا شك يجب أن يظل الإنسان يقظًا وآمنًا، لكن طالما قمنا بتوفير المعلومات للأشخاص حول حقيقة الفيروس ستقل حالة الضغط العصبي لديهم، مما سيؤدي بالتبعية إلى التخفيف من حدة الفزع التي يشعر بها هؤلاء”.

والمرحلة العمرية التي يجب أن نشعر بالقلق لأجلها من هم فوق الستين الذين يعانون مشكلات صحية بالأساس، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والرئة والسرطان و”داء السكري”، وأعراض فيروس كورونا (كوفيد-19) لا تهدد حياة باقي الأفراد، مع ضرورة الالتزام بتقليل التعرُض للآخرين، وهناك نقطة أخرى هامة: الكثير من الناس لا يعرفون درجة قوة الجهاز المناعي لكل منهم.

وتشرح د. كنفاني ذلك بقولها: “تصاعد الضغط العصبي والفزع والقلق من شأنه إلحاق أضرار بالجسم بسبب تدهور الجهاز المناعي، إن زيادة نسبة الكورتيزول بسبب الضغط العصبي من شأنه إلحاق ضرر بالغ بصحة الإنسان ومن ثم تنتقل تلك الآثار الضارة لتطال صحة العائلات والمجتمع ككل”.

والموقف الحالي بلا شك يدفع إلى الضغط العصبي، لكننا نستطيع بل من الواجب علينا مواجهة الموقف بقدر أكبر من المسؤولية.

وأضافت د. ثريا كنفاني: “من المهم بلا شك أن يشعر الناس بالأمان وأن يقوموا بعمل الاحتياطات الضرورية، لكنهم يحتاجون أيضًا للتوقف عن تضخيم حجم الكارثة والمبالغة في تقدير الموقف، كما يجب عليهم تنفيذ نصائح السلطات المختصة وعدم الشعور بالفزع، والتزام الحذر تجاه النصائح التي تأتي من مصادر غير موثوق بها”.

والواقع أن السماح للخوف بالتحكُم في تفكيرنا وتحركاتنا سيكون له أضرار على صحتنا ربما أشد من أي فيروس، لأن حالة الخوف تلك تنتقل إلى الآخرين، وقد أكّد خبراء الرفاهية والعلاج بالطاقة ومنهم “ديباك شوبرا”، بشكل علني على أهمية الالتزام المستمر بالحياة الصحية خلال تلك الأزمة.

وتقول د. صليحة أفريدي أخصائية علم النفس الإكلينيكي والمدير العام لمركز لايتهاوس آرابيا في دبي: “لو تحركنا دون وعي خلال المرحلة الحالية سيكون ذلك فقط من أجل النجاة، وهذا يقود إلى الصراع وهو أسلوب حياة عدواني للغاية، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ولو خضنا التجربة الحالية بهدوء وعبر المشاركة من الممكن أن يساعد كل منا الأخر وأن نتغلّب على تلك الأزمة بشرف وشجاعة، من المهم جدًا بالنسبة لنا أن نتمتع بالهدوء والتوازن والود”.

وأشارت د. أفريدي إلى مقولة مارتن لوثر كينج: “قدر الرجل الحقيقي لا يعتمد على موقفه خلال لحظات الراحة واللحظات المناسبة، وإنما يأتي وقت التحديات والأمور المثيرة للجدل”، وبينما يتجه الناس إلى منهج النجاة بأنفسهم فإن ذلك يزيد من حالة القلق والفزع لديهم.

وتفسر ذلك بقولها: “وهذا سيجعلك قادرًا على استيعاب المواقف التي تتعرض لها بمفردك وستكون أقل اهتمامًا بشؤون الآخرين، وتركيز انتباهك سيكون ضيقًا وسيتوقف دورك عند اكتشاف الخطر”.

وهناك عدة عوامل رئيسية تدفع باتجاه الشعور بالخوف ومنها عدم القدرة على التنبؤ ومعرفة ما يحمله المستقبل وكذا فقدان السيطرة، وهذا يجعل من الصعب عليك مواجهة اللحظة الحالية، وعلى المستوى الجماعي يصبح الأمر أكثر عدوانية، يجب أن تعتمد على المصادر الأساسية الموثوقة من أجل الحصول على المعلومات، مثل الحكومات المحلية ووكالة الأنباء الإماراتية (وام) والبيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، ولا تنساق وراء الصور التي يتم تداولها وتجعلك تشعر بالفزع، وكذا الشائعات التي يتم تداولها على مجموعات واتساب.

وتشرح د. أفريدي ذلك الأمر بقولها: “آلية الدفاع ضد القلق لدى بعض الناس تتمثّل في البحث عن السيطرة عبر الحصول على المعلومات، وتلك الوسيلة لن تنجح بل أن القلق سيتصاعد”.

وإلى جانب التزام الحذر بشكل معقول يجب عليك أن تكون متوازنًا سواء عقليًا أو بدنيًا، ومن الممكن استغلال هذا الموقف من أجل العودة لأنشطة مثل اليوجا والتأمل والعلاج بالمواد العطرية، أو ممارسة جميع تلك الأنشطة.

وهناك عامل حاسم آخر يتعلّق بحماية وتحسين جهاز المناعة الخاص بك.

وتقول د. صليحة أفريدي: “ربما لا يمكنك تفادي الإصابة بالفيروس، لكن يمكنك أن تحظى بجسم صحي يساعدك على الكفاح ضد الفيروس، يجب أن تحصل على قسط واف من النوم وممارسة التمارين وتناول الأطعمة التي تعمل على تحسين الجهاز المناعي، والهدف هو تقوية الجسم من أجل مكافحة والتقليل من الضغط العصبي الذي يعمل بدوره على إضعاف الجهاز المناعي”.

ووسائل الإعلام أيضًا يقع على عاتقها مسؤولية التخفيف من حالة الفزع والخوف التي يشعر بها الناس، وألا تقوم بنقل الأخبار سوى التي تعُد منها حقائق تتمتع بالدقة. وحتى اليوم فإن حوالي نصف عدد الحالات المصابة بالفيروس شُفِيت منه، وذلك وفقًا للبيانات الصادرة عن المقياس العالمي لفيروس كورونا، وهو موقع على شبكة الإنترنت متخصص في تتبع حالة الوفيات والإصابات بالفيروس على مستوى العالم وبالتركيز على كل دولة على حدة.

وتقول بهار ويلسون مؤسس ومُعلِم التركيز الذهني بمركز اليقظة الذهنية بالإمارات العربية المتحدة: “للأسف فإن بعض وسائل الإعلام ذهبت بعيدًا في التحدث عن المخاطر واحتمالات الوفاة بسبب فيروس كورونا، والنتيجة هي انتشار الخوف والضغط العصبي اللذان يعملان على تدمير الصحة والرفاهية في مجتمعنا، والخوف ينتشر في المجتمع بصورة أسرع من الفيروس ذاته”.

وتشرح ذلك بقولها إن الأهمية الحيوية فيما يخص صحة ورفاهية المجتمع تكمن في إدراك أثر هذا الشعور على مجتمعاتنا والعالم بشكل عام، حيث أننا جميعًا مرتبطون مهما تباعدت المسافات.

وتقول ويلسون إن “تركيز الانتباه حين يذهب لمكان ما فإن طاقة الإنسان تتبعه، وحينما تقوم بتركيز انتباهك على الخوف والمشاعر السلبية ستهدر طاقتك وتستحوذ تلك المشاعر عليك حتى تشعر بالعجز، إن التأمل وعلاج مسألة الضغط العصبي سيؤدي إلى تقليل الالتهابات التي تصيب الجسم، وذلك لأن التركيز الذهني التام والتعاطف مع الذات يعمل على توازن الجسم، والتركيز على المشاعر الصحية وأن نتمتع بالرحمة تجاه أنفسنا والآخرين بدلًا من الخوف هو أمر هام للغاية”.

وأشارت إلى التأمل باعتباره “المنهج الأمثل” لتهدئة العقل وتفادي القلق حول المستقبل، “والأهم هو الشعور بالرضا على ما نملكه الآن مما سينعكس على حالة الجسم”.

وتقول بيم فاسا مالكة مركز “البيت الساخن” في دبي إن: “الإشاعات تنتشر أسرع من أي فيروس، مما يؤدي إلى انتشار حالة غير مبررة للخوف والهستيريا والانقسام”.

وتضيف: “في بداية كل حصة أعلن الإجراءات الوقائية التي اتبعناها وفقًا للدليل الصادر عن منظمة الصحة العالمية، كما نطلب من العملاء عدم القدوم إلى المركز أو الاختلاط بالآخرين إذا ما شعروا بأية متاعب صحية، وذلك بغضّ النظر عن الفيروس المنتشر حاليًا، لكن الحصص ما زالت مكتظة والناس يشعرون بالراحة حين التحدث مع الآخرين وتبادل المعلومات حول الأخبار المتداولة”.

وتحاول فاسا التركيز على الاستشفاء والتوازن وقبول الذات، وهي المبادئ التي نحتاج إليها في أوقات الأزمات.

وتقول بيم فاسا: “هناك فطرة تجمع الناس سويًا حتى في الأوقات التي نتلقّى فيها نصائح بترك مسافة آمنة بيننا وبين الآخرين وتجنُب الأماكن العامة، ومع الإغلاق الإجباري للمدارس أدركت الإحباط وخيبة الأمل التي يشعر بها المعلمون وأولياء الأمور بسبب انهيار الخطط التي قاموا بوضعها لقضاء العطلة، وتأثير الفيروس طال كل شخص فضلًا عن قطاعي الأعمال والصناعة، ونصيحتي هي أن نأخذ الأمور يومًا بيوم، وأن نتنفس بشكل عميق حين يساورنا الخوف أو الشك، وأن نرضى بما يحدث وما لا يحدث”.

 

Livehealthymag.com is for every body and mind in the UAE. This magazine is all about moderation, making small changes, little additions and the odd subtraction.

Search

اشترك في نشرتنا الإخبارية

كن أول من يعلم بأحدث العروض والحملات الترويجية.