body shaming children

مدى أهمية أن يتوقف الآباء عن السخرية من أجساد أبنائهم، والتصرفات الواجب اتباعها للتغلب على ذلك

قبل بضعة أشهر، حضرت إحدى عملائي لاستشارتي بخصوص طفلها البالغ من العمر 10 سنوات، من أجل هدف واحد وهو تقليل وزن هذا الطفل.

وفي اللحظة التي صعد فيها الصبي على مقياس الوزن، امتلأت عيناه بالدموع.

وقال بصوت مهزوز، “أمي” لقد زاد وزني”، “إنني بدين”.

 خفق قلبي بشدة، وبينما لم أكن أدري ماذا أقول في تلك اللحظة، كانت والدته تعلم يقينًا ماذا تقول.

وقالت بصوت عالٍ: “قلت لك إنك كثير الأكل”، “ويجب أن تبدأ نظامًا غذائيًا، وتواظب على تمارين كرة القدم”.

ولأنني متخصص في التغذية، ورأيت مؤخرًا الكثير من تلك الحالات، ومنهم أطفال يعانون من الزيادة المفرطة في الوزن، أعلم أن الوقت قد حان للتحدث، ووضع حد لمثل هذه السخرية من الجسد”.

أصبحت كلمات مثل “النظام الغذائي” و”فقدان الوزن” و”السعرات الحرارية” جزءًا من ثقافتنا اليومية. ويميل الكثير من الآباء – في كثير من الأحيان – وبدون قصد – إلى التذمر من وزن أجسامهم أمام أطفالهم. وبعدها، يلتقط الأطفال هذا الحديث عن الحرمان من الطعام والنشاط البدني كطريقة فعالة لحرق السعرات الحرارية وفقدان الوزن والوصول بالجسم إلى الشكل المثالي. توصف الأطعمة بأنها جيدة أو سيئة. ويمتدح الناس حتمًا البالغين أو غيرهم من الأطفال الذين فقدوا وزنهم. ويمكنك أن تخمن ماذا يحدث بعد ذلك.. يستوعب الأطفال كل كلمة غير سعيدة وغير صحية، كما يستوعبون الأوصاف المعبرة عن عدم الرضا عن شكل الجسم والخجل منه والتي تنتقل إليهم من آبائهم.

ولا يطمح معظم الآباء إلا إلى بناء أساس لنمط حياة صحي لأطفالهم. ومع ذلك، عندما يتعلم الأطفال، على سبيل المثال، أن إنقاص الوزن هو هدف أكثر أهمية من التعرف على إيجابية الجسم والتغذية الحدسية، تُصبح هذه الجهود محكوم عليها بالفشل. الأطفال مثل الإسفنج، فهم تنساب إليهم المعلومات بسهولة وباستمرار وبدون تمييز من المؤثرات المحيطة بهم. وعلى الرغم من أن الأطفال حتمًا سيواجهون بعض الرسائل التي تسخر من شكل أجسامهم خلال مراحل نموهم، فعلى الآباء بذل قُصارى جهدهم لتكوين صورة ذاتية إيجابية للطفل وتقديره لها.

وربما يتساءل أحدهم الآن عما يجب أن يفعله لمساعدة الطفل الذي يعاني من زيادة الوزن. حسنًا، وقبل التطرق إلى الحلول، يجب أن ندرك أولاً أن الاستراتيجيات التي سنطبقها مع الطفل الذي يعاني من زيادة الوزن هي نفس الإستراتيجيات المتبعة عند التعامل مع طفل سليم. وفي النهاية، الطفل هو الطفل. وفيما يلي بعض النصائح لدعم صحة الأطفال ورفاهيتهم وقدرتهم على التحمل:

 

كن قدوة وليس مدربًا

ينسى الآباء أحيانًا أن الأطفال يقلدون كل ما يفعلونه. فلن يستطيع الآباء غرس عادات غذائية صحية، أو إجبار أطفالهم على تناول الطعام الصحي، والمشاركة في الأنشطة الرياضية بينما يستلقون هم على الأريكة ويتناولون الوجبات السريعة. وإنما يجب أن يطبق الآباء ما ينصحون به أبنائهم، ويتناولون نفس الوجبات الصحية اللذيذة التي يقدمونها لأطفالهم، وأن ينظموا رحلة للمشي لمسافات طويلة خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأن يركزوا على النشاط الذي يقوي الجسم، مثل صعود درجات السلم بدلاً من استقلال المصعد، وبالتالي، سيجد الآباء أن تلك التغييرات البسيطة تشكل فارقًا كبيرًا في أسلوب حياة الطفل.

 

التحدث عن التغذية الصحية، بدلاً من النظام الغذائي

يجب أن يعزز الآباء علاقة الطفل بالطعام من خلال التركيز على الصحة وليس الوزن، ويجب عليهم أيضًا تشجيع الأطفال على تطبيق عادات التغذية الصحية، وذلك عن طريق تعليمهم أولاً أساسيات التغذية. والتحدث بانتظام عن مجموعات الطعام المختلفة، وعن أهمية تناول الكمية المناسبة من كل مجموعة لدعم وظائف الجسم. ويجب أن يتجنب الآباء وصف الطعام بالجيد أو السيئ، أو حظر طعام بعينه، لأن الطفل سيشعر حينها أنه فقد شيئًا ما، وهم أكثر عرضة لتناول الطعام بنهم وهم خارج المنزل. وأيضًا، يجب أن يسمح الآباء للأطفال بتحديد الطعام الذي يرغبون في تناوله دون أي تدخل، فضلاً عن مساعدتهم على التدرب على الالتفات إلى إشارات الجوع والشبع. ومن ثم، سيتعلم الأطفال الاعتدال في الأكل.

 

تعزيز قبول الذات، وعدم الخجل من الجسم

تبدأ جذور عدم الرضا عن الجسم منذ مرحلة الطفولة، وعندما يسخر الآباء من أجساد أطفالهم، فهذا عندما يكون من المرجح حدوث مضاعفات صحية خطيرة. وأظهرت دراسة نشرتها مجلة “العلوم النفسية” عام 2017 أنه عندما يتصور الآباء أن أطفالهم يعانون من زيادة الوزن، فمن الأرجح أن ينظر الأطفال إلى حجم أجسامهم نظرة سلبية، ويحالون بشتى الطرق إنقاص وزنهم مقارنة بأقرانهم. وفي تقرير سردي نشرته مجلة كلية علم النفس والصحة العامة عام 2017، تبين أن التوجهات السلبية عن شكل الجسم بين الأطفال تزيد من خطر إصابة الطفل بتدني مستوى احترامه لذاته، وظهور أعراض الاكتئاب، واضطراب التغذية – بما في ذلك اتباع نظام غذائي غير صحي- أو إصابته باضطرابات الأكل السريرية، أو زيادة وزنه أو إصابته بالسِمنة المُفرطة.

وبدلاً من ذلك، يجب أن ينتقي الآباء كلماتهم بعناية شديدة، ويوضحون لأطفالهم أن اختلاف الناس في الشكل والحجم هو أمر طبيعي، وأن يعلموهم تقبل هذا التنوع، ويؤكدون لهم على جمال وإيجابية قبول الذات بغض النظر عن وزن الجسم.

وإذا بدا أن الطفل يتحدث صدفة عن جسده، فيجب على الوالدين الاستماع إليه بعناية، والرد على أسئلته بنبرة محايدة، والاستفسار دائمًا عن المشاعر التي تكتنف ابنهم أو ابنتهم. ومن شأن هذا أن يساعد الأطفال على التحدث، ورفض الخجل من أجسادهم، والشعور بالرضا عن أنفسهم.

Livehealthymag.com is for every body and mind in the UAE. This magazine is all about moderation, making small changes, little additions and the odd subtraction.

Search

اشترك في نشرتنا الإخبارية

كن أول من يعلم بأحدث العروض والحملات الترويجية.