Coronavirus

الاهتمام البالغ والحذر للوقاية من فيروس “كورونا” الجديد القادم من الصين

في بادئ الأمر، بدا الأمر وكأن  مرض تنفسي جديد قد تفشى في الصين في نهاية شهر ديسمبر  واقتصر على بضع عشرات الأشخاص المرتبطين بسوق المأكولات البحرية في مدينة “ووهان” بوسط البلاد.

وهكذا من المفترض أن يكون العالم آمنًا.

وحتى الآن، يجب على دول الخليج، إن لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل، أن تحذو عاجلاً حذو بعض الدول من أمثال تايلاند وسنغافورة وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية، وحتى بعض المطارات الأمريكية، وتقوم بفحص جميع المسافرين القادمين من مدينة “ووهان” أو المطارات المتصلة بها.

ويجب أن تستحضر السلطات في أذهانها جيدًا ذكريات الخراب الاقتصادي والرعاية الصحية الناجم عن تفشي متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس)، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، والذين يعدان من الأمراض التنفسية التي تسببها أنواع سابقة من فيروسات كورونا، لكي تنفض الغبار سريعًا عن كاميرات التصوير الحراري، وتعزل جميع المسافرين القادمين إلى البلاد ممن يعانون من ارتفاع درجات الحرارة.

وتحمل فيروسات كورونا هذا الاسم لتشابه شكلها الشوكي مع الهالة الخارجية للشمس. وهناك عدد كبير من فيروسات كورونا، وهي المسؤولة عن جميع الأمراض التنفسية، بدءًا من نزلات البرد، وحتى وباء “سارس” الذي تفشى خلال الفترة من عام 2002 وحتى عام 2004، غير أنه توجد دائمًا حالة من الخوف والقلق بشأن ظهور ثمة سلالة لم تُكتشف بعد.

تنشأ فيروسات كورونا لدى الحيوانات، وتمتلك تلك الفيروسات القدرة على الانتقال إلى البشر، ولكن لكل فيروس منها سماته الخاصة، كما أنه يشكل تهديدًا وتحديًا مختلفًا عن غيره. وكان فيروس “سارس”، والذي يُشبه فيروس كورونا الجديد، قد ظهر أيضًا في الصين، وأصاب أكثر من “8,000” شخصًا في 37 دولة، وحصد أرواح 774 شخصًا. وهناك اعتقاد بأن فيروس “سارس” انتقل إلى البشر عن طريق قطط الزباد.

ومن المرجح أن تكون متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، والتي أصابت 2,000 شخصًا منذ أن ظهرت في المملكة العربية السعودية في عام 2012 وأودت بحياة ثلث ضحاياها في 27 دولة، قد انتقلت إلى البشر من الجمال. وما زال الحيوان المتسبب في ظهور فيروس كورونا الجديد مجهولاً.

وقد أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية في 31 ديسمبر / كانون الأول عن مجموعة من الحالات المصابة بما يُعرف الآن بفيروس كورونا الجديد “2019-nCov”. وفي غضون أسبوع، عزل العلماء الصينيون الفيروس، وطوروا اختبارًا للتعرف عليه، وسرعان ما تمت مشاركته مع منظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء.

وفي بيان أصدرته منظمة الصحة العالمية في 12 يناير/كانون الثاني، تبين أن هناك ثقة حذرة في التعامل مع هذا الفيروس. فقد تم الإبلاغ عن  41 حالة إصابة في مدينة “ووهان” وحالة وفاة واحدة. ولكن في ظل عدم وجود حالات مصابة في أي مكان آخر، يبدو أن الوباء لم ينل إلا ممن زاروا سوق “ووهان” للمأكولات البحرية بالجملة. والأفضل من ذلك، هو “عدم وجود دليل واضح” على أن الفيروس قادر على الانتقال من إنسان إلى آخر.

وخلال يوم واحد، تبين أن هذا التكهن المتفائل كان سابقًا لأوانه.

ففي 13 يناير/كانون الثاني، أبلغت تايلاند أن سيدة تبلغ من العمر 61 عامًا من مدينة “ووهان” تم اعتراضها في مطار “سوفارنابومي” في بانكوك، وكانت تعاني من الحمى والتهاب الحلق والصداع. ولم تكن هذه السيدة في أي مكان بالقرب من سوق المأكولات البحرية، وهنا اتضحت الأمور: وهي أن فيروس “كورونا الجديد” يمكنه الانتشار بين البشر، شأنه في ذلك شأن فيروسي “سارس” و”متلازمة الشرق الأوسط التنفسية” اللذان سبقاه.

وتعد استجابة السلطات في “تايلاند” سريعًا للتحذير الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية مثال حي يجب على جميع المطارات في الشرق الأوسط أن تحذو حذوه. فقد اكتشفت السلطات في “تايلاند” المسافرة المريضة لمجرد أنها لم تتوانى عن توفير كاميرات حرارية في المطارات. حيث تلتقط الكاميرات الحرارية بسهولة هؤلاء الركاب المصابون بارتفاع في درجات الحرارة من بين الحشود. وقد يكون ثمة أسباب أخرى لاعتراض المسافر، غير أن السياسة الحكيمة تملي ضرورة عزل كل مسافر مصاب بالحمى – وجميع مرافقيه – أثناء إجراء الفحص.

وطبقت تايلاند تلك الإجراءات الوقائية منذ الثالث  من يناير/كانون الثاني. وفي الثامن  من يناير، اكتشفت السلطات التايلاندية المسافرة القادمة من مدينة “ووهان”، والتي وصلت إلى تايلاند عبر رحلة مباشرة ضمن مجموعة سياحية كبيرة، وتم عزل جميع المسافرين والبالغ عددهم 182 راكباً بالإضافة إلى طاقم الطائرة وإجراء فحوصات لهم جميعًا. وتبين أن الركاب الآخرين لم يُصابوا بفيروس كورنا الجديد “2019-Cov”. ولكن لو لم يتم اكتشاف زميلتهم، كان من الممكن أن يصابوا بحلول هذا الوقت، إلى جانب أي عدد من الأشخاص  الذين تواصلوا معهم لاحقًا.

وبعد مرور يومين، تم اكتشاف حالة ثانية مصابة بفيروس “كورونا” خارج الصين – وكانت في اليابان لرجلٍ في الثلاثينات من عمره، والذي سافر إلى مدينة “ووهان” لكنه لم يزر أي سوق، ولكن عند عودته إلى اليابان في 10 يناير / كانون الثاني، دخل المستشفى وهو يشتكي من السعال والتهاب الحلق والحمى، وبالفحص تبين إصابته بفيروس كورونا “2019-Cov”. وقد ظهر المرض الآن في كوريا الجنوبية.

تقول اللجنة الوطنية للصحة في الصين أنه تم تثبيت إصابة أكثر من 200 شخص في الصين بفيروس كورونا، ومعظمهم في مدينة “ووهان”، حيث لقي ثلاثة أشخاص حتفهم. بينما ظهر الكثير منهم في مناطق أخرى مثل العاصمة بكين، على بعد 1000 كيلومتر شمال المدينة، وفي مدينة “شنجن” على بعد 850 كم جنوبًا. ويشير الباحثون في كلية لندن الإمبراطورية، وهو مركز متعاون مع منظمة الصحة العالمية لتشخيص الأمراض المعدية، إلى أن العدد الحقيقي للوفيات قد يكون أعلى بكثير – أي ما يصل إلى 4771 حالة بحلول 17 يناير.

وتقول منظمة الصحة العالمية إنه في ضوء “أنماط السفر العالمية”، فسنشهد “على الأرجح” المزيد من الحالات المصابة بالفيروس في بلدان أخرى، وهو أمر “لا مفر منه”. وعلى الرغم من تأكيد السلطات الصينية أن تفشي المرض لا يزال “يمكن منعه والسيطرة عليه” ، فإن انتشاره بات حقيقة شبه مؤكدة بسبب استعداد مئات الملايين من الصينيين للسفر داخل البلاد وخارجها في إطار استعدادهم للاحتفال بعيد رأس السنة القمرية الجديدة في 25 يناير.

وينبغي على دول الخليج اتخاذ الاحتياطات اللازمة. وحتى الآن لم ترد أي تقارير عن إصابة العاملين في مجال الرعاية الصحية، وهو ما فسرته منظمة الصحة العالمية على أنه إشارة إلى أن “الفيروس الجديد” ليس معديًا على الأرجح كفيروس “سارس”. وتقول منظمة الصحة العالمية إن المعلومات المتوفرة حاليًا عن الفيروس ليست كافية “لاستخلاص نتيجة نهائية حول كيفية انتقال الفيروس، أو خصائص المرض السريرية، أو مدى انتشاره”.

وكل هذا صحيح. إلا أنه في ضوء تراجع النشاط الاقتصادي والسفر جوًا بعد ظهور فيورس “سارس”، اتضح أن الثقة باتت حجر الزاوية لدى الاقتصادات الدولية الحيوية مثل اقتصاد الإمارات العربية المتحدة، ويحتاج المسافرون من مطارات الخليج وإليها إلى الاطمئنان برؤيتهم لكاميرات التصوير الحراري تعمل في أسرع وقت ممكن.

وفي مكان ما في اليابان، سيبحث المسؤولون القلقون في التأثير المحتمل لتفشي الوباء على نجاح أولمبياد طوكيو هذا الصيف. وفيما تتجهز دبي لاستقبال ملايين الزائرين لمعرض اكسبو 2020 في شهر أكتوبر، فإن أكثر ما تخشاه دولة الإمارات هو حدوث شيء يجعل العالم معرضًا عن “أعظم معرض في العالم”. وبالنسبة لدول الخليج والدول الأخرى، فإن الطريقة الوحيدة السليمة للتعامل مع فيروس كورونا الجديد “2019-Cov”، هي الاهتمام البالغ بالفيروس والحذر منه في الوقت نفسه.

جونثان جورنال، صحفي بريطاني، عمل سابقًا لدى صحيفة “التايمز”، وقضى فترة من حياته في منطقة الشرق الأوسط وعمل بها، ويعيش الآن في المملكة المتحدة.

Livehealthymag.com is for every body and mind in the UAE. This magazine is all about moderation, making small changes, little additions and the odd subtraction.

Search

اشترك في نشرتنا الإخبارية

كن أول من يعلم بأحدث العروض والحملات الترويجية.