تمضي الشهور، وفي هذا الوقت من كل عام، يحتفل العالم بيوم الأم تكريمًا لها.
والكثير منا ببساطة لا يحتفل بهذا اليوم.
في هذا الشهر وقبل تسع سنوات، وقبل احتفال المملكة المتحدة بيوم الأم مباشرة، توفت والدتي، وكنت شديدة التعلق بها، وكانت لي الصديق المخلص، والوالدة، ورفيق السفر، وكاتم أسراري، وأكثر من ذلك بكثير. وكانت أيام حياتي كلها عيد أم. وعند تفقد المنزل بعد وفاتها، وجدت رسائل حب كنت قد كتبتها لأمي وأنا طفلة، وكنت أفعل هذا بانتظام. ولم أكن حينئذ في حاجة إلى معرفة أن هناك عيد أم حتى أرسل إليها الرسائل والبطاقات المحلية لأعبر لها عن حبي، وأنها أفضل أم في العالم، وأنني آسفة على كل فعلٍ أغضبها. ولم أعبأ كثيرًا بعيد الأم في حياتها، مثلما بعد رحيلها.
وبالنسبة لأمي، هناك دومًا لحظات فارقة وأحداث هامة وأول عيد ميلاد لها، ويوم مولدها وذكرى وفاتها. وتلك أشياء لن يشعر بها أحد لأنها تمر في صمت دون أن يبكي لها العالم حولنا أو يبتهج بها. وعامًا بعد عام، أصبح عيد الأم أكثر زخمًا.
واليوم، ومع انتشار الإعلانات التجارية في عدد من البلدان أكثر من أي وقت مضى، بات عيد الأم “شعارًا” لا يمكن إيقافه. “اصطحب والدتك لتناول الغداء، وإلى المنتجع الصحي، وأخبرها أنك تحبها، وتنزه معها”. ولأنني صحافي، أرى أن رسائل البريد الإلكتروني التسويقية مستمرة وبقوة.
وأصعب ما في الأمر هو صعوبة التغلب على مشاعر رحيل الأم. وهناك دومًا أوقات يتمنى فيها المرء عودة الأم إلى الحياة مرة أخرى – عند انتهاء العلاقة الزوجية، وفي المرض، والبطالة، وفقدان الطفل، والاوقات التي يخضع فيها الزوج لعلاج السرطان المنهك – فتلك هي الأوقات التي يكون علاجها الوحيد هو المواساة من أمٍ محبة. ولا تنتهي الأوقات التي يحتاج فيها المرء إلى أمه.
إذا فقدت أمك، وتشعر بالمعاناة على مدار الأيام التي يتم خلالها تكريم الأم في مناطق مختلفة حول العالم، فستبقى دومًا يتيمًا. وهذا ما يجنيه المرء بعد وفاة والديه. إن الأمر الذي أريده أكثر من أي شيء آخر، وأكثر من عيد الأم، هو أن أخبر كل طفل صغير أن يعتز بهذه المرأة ويحبها وهي على قيد الحياة، وألا تقتصر رؤيتها والتعبير وتقديرها على عيد الأم فقط.
وأود أن يشعر كل من يفقد والدته بتلك السكينة المستمدة من معرفته بأنه قضى مع أمه أجمل الأوقات المتاحة له.
واليوم، بات عمري “41” عامًا، وما زلت عزباء، بلا أطفال. وكانت أفكاري تتمحور حول إذا ما أصبحت أمًا في يوم ما أن أكون برفقة والدتي. إن أعظم دلالات الرقي الروحي هي أن يسعد المرء لأولئك الذين يملكون ما لا يملك، ورغم ذلك، إنه لشعور صعب أن ترى الآخرين مع أمهاتهم في تلك الأوقات الهامة في حياتهم.
لا يمر يومًا دون الثناء في صلواتي على والدي وجدتي عرفانا مني لما قدموه لي في حياتهم، على المستوى البدني والمادي والعاطفي. وحتى في وفاتها، أطمح دومًا أن أكون مثل أمي، والتي كانت ملاكًا عطوفًا رحيمًا هادئا.
ولذا، لا ننسى أن عيد الأم يجرح مشاعر الكثير من النساء: النساء اللواتي لا يستطعن الإنجاب، واللواتي يرغب في الإنجاب ولكن لم يلتقين بعد بشريك حياتهن، واللواتي يسعين لتبني طفلاً، واللواتي فقدن الحمل أو الطفل. ومع كل يومٍ، قد يكون ثم عيد أم، وعيد أب، وعيد أحباء وعيد أصدقاء.
وتحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة بعيد الأم في الحادي والعشرين “21” من مارس، وتحتفل المملكة المتحدة بعيد الأم (الأحد الرابع من الصوم الكبير) في الثاني والعشرين “22” من مارس، وتحتفل قارة أمريكا الشمالية بهذا اليوم في “10” مايو.
